للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبهذا لم يكن ابنُ العربي منفردًا في حُكْمِه، ولم يكن مخالفًا فيما ذهب إليه، فهذا ابن حبان - وهو من هو في النقد والتعليل - يذكر ما ذكره ابن العربي، وهذا خاتمة الحفاظ ابن حجر يؤكد ما ذكره ابن العربي، فأين تهويلك يا غماري؟ وأين نَفَثَاتُكَ؟ صارت كأمس الذاهب، ولم يثبت منها شيء.

وقد اطَّلع الغماري على قول ابن حجر المفيد تَضْعِيفَ الحديث؛ لأن جل كلامه إنما نقله من "الفتح" (١)، ولكنه دلَّسه كعادته، وأخفى المطاعن في تلك الروايات، وساق ما يفيده في الاحتجاج لمقالته، ليستغفل قارئه؛ ممن لا قدرة له على مطالعة الكلام في محله وموضعه، فأيُّ دِينٍ هذا الذي يجيز التدليس والتمويه؟ وأي باب من العلم فيه الحض على ما فعل هذا الغماري؟ ولكن شهوة الرد أوردته ما ترى، وإنَّا لله، وإنَّا إليه راجعون.

السَّابع: فتأكَّد - إذًا - ما ذكره ابنُ العربي؛ من أنها من الحِكَم المأثورة، وقد أوردها أبو عُبَيد القاسم بن سلَّام في كتاب "الأمثال" (٢)، وكان على الغماري أن يتمهَّل، وفي غالب نقدنا له ظهر أن سبب غلطاته وفَضَحَاتِه عَجَلَتُه وتَسَرُّعُه، أوجبه حِقْدُه القديم، وداؤه العديم، فكان ما كان، ممَّا علمناه وعاينَّاه.

الموطنُ الحادي عشر:

قال الغماري: "ومن ذلك قوله - في الكلام على آداب الأكل من الكتاب المذكور -: روى إسماعيل بن أبي أُوَيس عن مالك: أنه دخل على


(١) فتح الباري: (١٠/ ٤٩٨).
(٢) الأمثال: (ص ١٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>