للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حُكْمُه، والله سبحانه يعلم ما يكون كيف يكون، ويعلم ما لا يكون ممَّا بجوز أن يكون أن لو كان كيف كان يكون.

ومِثْلُه قَوْلُه: ﴿فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ ﴿فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ [يونس: ٩٤]، وهو لم يشكَّ ولم يسأل، ولا يشكُّ ولا يسأل، ولكن الباري علم ما لا يكون أن لو كان كيف كان يكون، وذلك كُلُّه تأديب للعبد (١) وتحذير له.

وقد روى أحمد في "الزهد" عن النبي: "أن جبريل نزل عليه وهو يبكي، فقال له: ما يبكيك؟ فقال: والله ما جَفَّتْ لي عَيْنٌ مُذْ خَلَقَ الله النار مخافة أن أعصبه فيعذبني بها" (٢).

وهذا الأصلُ صحيح على مذهب أهل السنة، فإن العصمة عندنا إنَّما هي بيد الله، هو خالق القدرة على الطاعة، فإذا لم يخلفها وخلق ضدها للعبد - وهي القدرة على المعصية - عصى، وقد بيَّنَّا ذلك في "كُتب التوحيد".

[حالُ المؤمنين في الخوف والرجاء]:

وبقي النَّظَرُ في حال المؤمنين في الخوف والرجاء كما قلنا، وتَرَدُّدُهم بين المقامين يُسَمَّى رجاءً، وقد قال بعضهم: "إنه تَمَنٍّ" (٣)، وجعل الرجاء في وجود الأعمال الصالحة، واجتناب المعاصي للخلاص، مع ما هنالك من خَوْفِ الطوارى، وإذا كان عَمَلٌ سَيِّئ (٤) لم يكن رجاء، ولكنه إن تعلَّق


(١) في (ك) و (ص) و (ب): للغير.
(٢) أخرجه الإمام أحمد في الزهد بنحوه مرسلًا: (ص ٣٦).
(٣) الإحياء: (ص ١٤٨٩).
(٤) في (د): على شيء، وفي (ك): عمل في شيء.