للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شَرْطُ التداوي:

ومهما استعمل (١) شيئًا من هذه الأدوية فلا يعتقد أنه فَعَلَ شيئًا ممَّا يظن الغافل (٢) أنه يفعله، وإنَّما الباري تعالى يخلق عنده ما يخلق (٣)؛ من قبض أو إرسال، أو نَفْع أو ضُرٍّ، كما يخلق الشِّبَعَ عند أكل الخبز، والرِّيَّ عند شُرْبِ الماء، والحَرْقَ عند اتصال النار، فإذا قَصَدَ بالطِّبِّ إدامة الصحة أو دَفْعَ السقم، وعَلِمَ أنه علامةٌ لا مُوجِبٌ لدَفعْ الألم أو دفع السقم، فهو من الذين "لا يسترقون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكَّلون" على أحد الأقوال.

وثَحْقِيقُ القَوْلِ فيه: أن ظاهر هذا الحديث يقتضي حال أيوب والصدِّيق في التخلِّي عن الطب والمعاناة، والاستسلام لأمر الله، والإلقاء بالأيدي لقضائه النازل وحُكْمِه النافذ.

وقد قيل: إنه منسوخ بجواز التداوي.

قال بعضهم: وذلك لا يجوز؛ لأن الأخبار في الفضائل لا يدخلها نسخ، وإنما يدخل النسخ في الأحكام.

وهذه غفلة؛ فإن هذا من الأحكام؛ وهو جَوَازُ التداوي بعد أن كان ممنوعًا بالنهي عن الكَيِّ والأمر بالاستسلام.

ومنهم من قال - في القول الثالث -: إن خبر السبعين الألف يُفِيدُ بيان الأفضل من حال العبد في التوكل، وهذه الأخبار كلها تُفِيدُ الجواز.

وبه أقول.


(١) في (ص): استُعمل شيء.
(٢) في (ص): الأغقال.
(٣) ينظر: الأمد الأقصى - بتحقيقنا: (٢/ ٤٣٤ - ٤٣٥).