أقام الإمام أبو بكر بن العربي كتاب "سراج المريدين" على نِظَامٍ لم يُسْبَقْ إليه، ولا حوَّم مؤلف عليه، وعَقَدَ أبوابه على نَمَطٍ من النظر فريد، مراعيًا جودة التأليف، ومحجة التصنيف، وهي سبيل سلكها في كل كتبه، وطريق سار فيها في كل تصانيفه، ونذكر ما وصل إليه النظر في شأن هذا الكتاب، وما ظهر لنا في أبوابه ومباحثه ومسائله.
وجعل ابنُ العربي كتابه في مقدمة وبَابَيْنِ وخاتمة، وكل واحدة من تلك المذكورات لها فصولها ومباحثها ومسائلها، وما يلتحق بها من النكت والتنبيهات والنَّقَدَاتِ والتتميمات.
[مقدمة السراج]
وفيها ذَكَرَ عَزْمَه على التصنيف في "علم التذكير"، وأنه كان رجاء رجاه من زمن، ويسَّر الله الشروع فيه والبداءة في إملائه، وربطه بكتابه الكبير "أنوار الفجر في مجالس الذِّكْرِ"، وذكر فيها من رَضِيَهم من المتزهدة، وهما: الحارث المحاسبي، وأبو القاسم القُشَيري، راضيًا طريقتهما، وسالكًا نهجهما.
وجعله خالصًا للصفات التي ينبغي للعبد أن يتحلَّى بها، ويرتسم بمعانيها، ويسير بهداها، حتى يكون ممَّن اصطفاه الله لخدمته، ورضيه في جواره بجنته، وأفاض عليه من واسع رحمته.
وبيَّن أن هذه الصفات قد مضت منها أُصُولٌ في فُصُولِ "الأمد الأقصى"، وفي فصل التنزيل منه كان صَغْوُ القاضي أبي بكر إلى ما ينبغي للعبد وما يجب عليه، وجعل في غالب الأسماء هذا الفصل ملازمًا لها،