للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا خرج الرجل بصدقته إلى ذَوِي رَحِمِه فقد فَعَلَ خَصْلَتَيْنِ عظيمتين؛ أدَّى الذي عليه، ووَصَلَ رَحِمَه، وقد بيَّنَّا ذلك في كتاب "الأحكام" (١)، وذَكَرْنَا فيه نَصَّ النبي (٢).

وقد تَأَيَّمَتْ أمُّ سَلَمَةَ من أبي سلمة، فقال لها النبي: "قُولي: اللَّهم اجُرني في مصيبتي، وأَبْدِلْنِي خيرًا منها، فقلتُ: ومَن خَيْرٌ من أبي سلمة؟ أوَّل بيت هاجر إلى رسول الله، ثم إني قُلْتُها فأَخْلَفَ الله لي رسولَ الله (٣) " (٤).

[المفاضلةُ بين دُورِ الأنصار]:

وأمَّا مفاضلة النبي بين الدُّورِ من الأنصار فبأسباب بَيِّنَةَ وخَفِيَّةٍ، فيها تطويلٌ كثير، بيانُها في "أنوار الفجر"، والجملة التي تدلكم على هذا بأن تجمعوا مَشْيَخَةَ الأنصار وتَرُدُّوهُمْ إلى آبائهم، ثم تنظروا في خصالهم، فتجدون خِصَالَ من قدَّم النبيُّ أكثر وأكبر من خصال من أخَّر؛ ممَّن سبق إلى الإيمان وكان له أثَرٌ حميد في عَضْدِ النبي والمواساة، وإنَّما ينفع السبق في الزمان مع السبق في الخصال، ألا ترى إلى قول النبي في الصحابة:


(١) أحكام القرآن: (١/ ١٤٥ - ١٤٦).
(٢) الإشارة هنا إلى حديث: "لهما أجران، أجر القرابة وأجر الصدقة"، أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الزكاة، باب فضل النفقة والصدقة على الأقربين، رقم: (١٠٠٠ - عبد الباقي).
(٣) في (ك): صلى الله عليه.
(٤) أخرجه الإمام مالك في الموطأ: كتاب الجنائز، جامع الحسبة في المصيبة، (١/ ٢٨١)، رقم: (٦٣٨ - المجلس العلمي الأعلى).