للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمَّا قوله (١): "خَيْرُ مال المسلم غَنَمٌ (٢) " (٣)؛ فإنَّ المال خير في الجملة، لما فيه من المنفعة الدنيوية في إقامة النفس، والدينية في تَوْفِيَةِ الحقوق، ويختلف ذلك بالأزمان والأحوال والأعيان، فقد يأتي زَمَانٌ تكون فيه العزلة خيرًا من الصحبة، ويكون خير مال المسلم أحله أكلًا، وأقله شُغْلًا، وأخفه مَؤُونَةً؛ غُنَيْمَةٌ في شَعَفِ جَبَلٍ، أو على عُيَيْنَةِ مَاءً يكون معها، ويَعْبُدُ الله فيها ومنها.

وأمَّا قوله : "خَيْرُكم خَيْرُكم لأهله" (٤)؛ فإنَّ النفع إن كان محمودًا ففي الأهل أولى، وفي القرابة أحرى، حتى إن الصدقة على الأهل أفضل من الصدقة على الأجانب؛ كانت فرضًا أو تطوعًا، إلَّا أن يكون مِن أهلك مَن تلزمك نفقته، فلا تَحِلُّ له صدقتك لما تدفع به عن نفسك ما (٥) لَزِمَك له، وإذا لم تلزمك نفقتُه فادفعها إليه.

فإن قيل: يخاف المحمدة؛

قلنا: لا بد من (٦) أن يُحْمَدَ الرجل على ما فَعَلَ من الخير، ويجوز له أن يُحِبَّ الحَمْدَ على ما فَعَلَ من الخير، وإنَّما المذموم أن يُحِبَّ أن يُحْمَدَ بما لم يَفْعَلْ.


(١) قوله: " " لم يرد في (ك) و (ص) و (ب).
(٢) في (ك) و (ص) و (ب): غنمًا.
(٣) تقدَّم خريجه.
(٤) تقدَّم تخريجه.
(٥) في (ك) و (ص): ممَّا.
(٦) سقطت من (ك) و (ب).