للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بلدك أو سَاكَنَكَ في بيتك لم يُمْكِنْكَ الاحتراسُ منه بحال، ولو تَحَرَّزْتَ لغَلَبَكَ بطُولِ المجاهدة، وقد قال العبَّاسُ بن الأَحْنَفِ أو غيرُه (١):

نَفْسِي إلى ما صرَّني داعي … تُكْثِرُ أَسْقَامِي وأَوْجَاعِي

لقُلٍّ ما أَبْقَى على ما أرى … يُوشِكُ أن يَنْعَانِيَ النَّاعِي (٢)

كَبْفَ احْتِرَاسِي من عَدُوِّي … إذا كان عَدُوِّي بين أَضْلَاعِي

فإن جَهِلْتَها فقد تَعَجَّلَ هَلَاكُك، وإن عَلِمْتَها وقَاسَيْتَها فقد طال تَعَبُك، فانظر لِمَا يُخَلِّصُك، فإنه قريب لمن أعانه الله بتوفيقه.

رياضةُ النَّفْسِ:

ومن الحَقِّ عليك أن تحملها على مَكَارِهِ العبادة طاقةً، حتى تأنس بها فتفعلها طاعةً، فإنَّ التدريب في العبادة والتمرين في الطاعة (٣) سُنَّةٌ قائمة، وسِيرَةٌ شَرْعِيَّةٌ.

في الصحيح: عن الرُّبَيِّع بِنْتِ مُعَوِّذِ بن عَفْرَاءَ قالت: "أرسل النبيُّ غَدَاةَ عاشوراء إلى قُرَى الأنصار: من أَصْبَحَ مُفْطِرًا فليُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِه، ومن أصبح صائمًا فليَصُمْ، قالت: فكُنَّا نَصُومُه بَعْدُ، ونُصَوِّمُ صِبْيَاننَا، ونجعلُ لهم اللعبة من العِهْنِ، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذلك حتى يكون عند الإفطار" (٤).


(١) الأبيات من السريع، وهي لأبي الفضل العباس بن الأحنف في ديوانه: (ص ١٧٨ - ١٧٩)، وفيه: قلبي إلى ما ضرني.
(٢) سقط هذا البيت من (د) و (ص).
(٣) في (س): الطاعات.
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الصوم، باب صوم الصبيان، رقم: (١٩٦٠ - طوق).