للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُمْكِنُ إجمال هذه البواعث في ثلاثة بواعث:

الأوَّل: استدراكُ الخلل الحاصل من جهة فَقْدِه لأنوار الفجر:

قال الإمام ابنُ العربي : "وقد كنتُ أفضتُ في "أَنْوَارِ الفَجْرِ بمَجَالِسِ الذِّكْرِ" في أنواع العلوم الشريفة؛ من التوحيد، والأحكام، ومقامات الأعمال وآفات القلوب والأحوال؛ ما سارت به الرُّكبان، وتعطَّر بأَرَجِه الزمان، وضَعُفَتْ عن تحصيله الأركان، وقُيِّدَ منه ما قُيِّدَ، وشُرِّدَ منه ما شُرِّدَ، واسْتَفَأَتِ الَافاتُ كثيرًا منه، ونَسَفَتْ أَرْوَاحُ النوائب جملةً ممَّا كُنَّا فَرَغْنَا عنه، وكان من أهم ما يُقبَل عليه؛ تقييدُ ما يتعجَّل الخلقُ منفعتَه، فخرج "الأَمَدُ الأقصى في أسماء الله وصفاته" (١)، و"ناسخُ القرآن ومنسوخه"، و"أحكامُه"، و"قانونُ التأويل"، وكتابُ "العواصم"، و"القَبَسُ من أنوار مالك في كتابه"، و"العِوَضُ المحمود"، وهو مُفَرَّقٌ عند الناس، وبقي عِلْمُ التذكير المتعلق بالأعمال والمقامات، وسَنحَ خاطرُ خَيْرٍ في العَطْفِ إليه، وجنحت القواطعُ قليلًا عنه، فنسأل الله العون عليه" (٢).

فظهر من خلال قول ابن العربي هذا أن أصل كتبه وأساسها هو كتاب "أنوار الفجر في مجالس الذكر"، وأنه لمَّا عصفت به الآفات تلافاه بهذه الكتب التي هي فُصُولٌ من ذلك الأصل، إلَّا كتابًا واحدًا تقدَّم تأليفه له، وهو كتاب "العِوَضُ المحمود" (٣)، وهو من جملة كُتُبِه التي تلفت وتفرَّقت


(١) نشر بتحقيق ودراستي في سِفْرَيْنِ بدار الحديث الكتانية، وخرَّج أحاديثه ووثَّق نقوله أخي الأستاذ الباحث أحمد عروبي، وذلك عام ١٤٣٦ هـ / ٢٠١٥ م، في نشرتين اثنتين.
(٢) سراج المريدين: (١/ ١١).
(٣) ذكره في المتوسط في الاعتقاد- بتحقيقنا-: (ص ٣٧٥)، و"المتوسط" من أوائل كتبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>