الثالث: دخول غالب هذه المقامات في "علم التذكير"، كما عرَّفه ابن العربي، وقد تقدَّم ذِكْرُ ذلك، وهو قَوْلُه:"ويدخل في علم التذكير: الوعيد والوعيد، والجنة والنار والحشر"(١)، فقوله هذا يُدْرجُ مقامات ثلاثة به؛
أحدها: مقام الموت، وهو قوله:"الوعد والوعيد".
وثانيها: مقام البعث والنشور، وهو قوله:"الحشر".
وثالثها: مقام الجنة أو النار، وهو بَيِّنٌ.
وإنَّما ألحق به مقام الحياة الدنيا لأنه سابق عليها، وطريق إليها.
ونسرد الآن المقامات كما رتَّبها الإمام أبو بكر، وهي:
المقام الأوَّل: مقام الحياة الدنيا
وذَكَرَ فيه قَدْرَ الدنيا ووَزْنَها عند الله تعالى، وما ينبغي للعبد أن يتعلَّق به فهمه منها، حاضًّا على الزهادة فيها، ناصحًا بعدم التوغل في نعيمها، مُحَذِّرًا من الاغترار بزُخْرُفِها، ضاربًا المثال بسَيِّدِ المرسلين مولانا مُحَمَّدٍ ﷺ، وما كان له من أحوالٍ في هذه الدار الزائلة؛ ثم ما كان من أحوال صحابته، الذين ساروا على نهجه، وكانوا على هداه؛ زهادةً وقلة التفات إلى مفاتنها وفتنها.
وذكر - أيضًا - ما ينبغي أن يكون عليه العبد وهو فيها؛ من الجد والحق، والنية الحسنة، والعمل الصالح، فرغم أنها دار زوال وغرور، إلَّا أنها لا بد منها، ولا بد من الاعتمال فيها؛ طلبًا للباقية، ورجاءً في الأخرى.