للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أبو الفضل المَرَاغِي]:

وكان أبو الفضل المراغي تفقَّه (١) ببغداد، وكانت كُتُبُ أهله ترد عليه من بلده، فكلمَّا ورد كتاب وضعه في الصندوق ولا يقرأه، حتى مرَّت عليه أحوال؛ بلغ فيها ما شاء الله في العلم من الآمال، وعَقَدَ النيَّة على المرجع إلى بلده، فأخرج الكتب فقرأها؛ فإذا في بعضها (٢) ما لو علمه في ذلك الوقت من اختلال حاله هنالك ومن مات من أهله ما لبث لحظة، ولا تَمَّتْ له قراءة، واكترى (٣) وشدَّ رَحْله وعبَّاه على ظهور الدواب، وتقدَّم إلى الحلبة (٤) ليبتاع هنالك (٥) ما يضع من الزاد في السَّفْرَةِ، فساوم فَامِيًّا، وطفقا يتناولان؛ هذا ثمنه، وهذا زاده، وفي أثناء ذلك قال الفامِيُّ لجاره: أَيْ فُلْ، أما سمعت اليوم العالم الفلاني يقول عن ابن عباس: إنه يجوز الاستثناء في اليمين ولو بعد سنة (٦)؟ قال له: نعم، قال له: إني مفكر من ذلك الوقت في هذه المسألة، ولو كان هذا (٧) صحيحًا لما قال الله لأيوب: ﴿وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ﴾ [ص: ٤٤]، وكان يقول له (٨): قل: إن شاء الله، قال: فقَفَّ شعري تعجبًا، وقلتُ: أخرج من بلد هذه همَّة فَامِيهِ، فضلًا عن حَمَلَةِ الدين وذويه، لا يكون هذا أبدًا، ولحقت المُكاري، وقلت


(١) في (ص): يتفقه.
(٢) في (ص): فإذا فيها.
(٣) في (ك): أكرى.
(٤) في (ب): الحلفة.
(٥) سقط من (ص).
(٦) ينظر: أحكام القرآن: (٢/ ٦٤٦).
(٧) سقط من (ص).
(٨) سقط من (ك).