للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قُدْوَةٌ:

وقد رُوي عن أبي بكر الصديق أنه قيل له في مرضه: "ألا ندعو لك طبيبًا؟ قال: الطبيب أمرضني"، وفي رواية أخرى: "قد سألته فقال: إني فعَّال لما أريد" (١).

أخذه سَرِيٌّ السَّقَطِي على طريقتهم، قال له الجُنَيْدُ: كيف نجدك؟ فقال (٢):

كيف أشكو إلى طبيبي ما بي … والذي بي أصابني من طَبِيبي

ولو صحَّ هذا لكان له وجهان:

أحدهما: أنه كان أيقن بالمَنِيَّةِ فلم يكن للطب فائدة؛ لأن فائدة الطب جَلْبُ الصحة عند ذهابها، ولا خلاف فيه، أو السعي في إدامة الصحة بالتوقِّي من الأغذية المَخُوفَةِ أو إخراج الأخلاط المتوقع ضررها؛ وذلك جائز أيضًا، والأوَّل أظهر.

[الثاني]: أو يكون أراد أن يكون (٣) من السَّبْعِينَ ألفًا؛ "الذين لا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيَّرون، وعلى ربهم يتوكَّلون" (٤).

الحالة الثانية: أن يتطبَّب بأن يستعمل الدواء إذا وجد الداء، وذلك جائز، ولا ينفي التوكل، ففي الأحاديث التي قدَّمناها كفايةٌ في الباب.


(١) أخرجه الإمام أحمد في الزهد: (ص ١٤٠)، وفيه انقطاع.
(٢) البيت من الخفيف، وذُكِر في إحياء علوم الدين: (٧/ ٢٠٠)، وتاريخ بغداد: (٩/ ١٩١)، في ترجمة السَّرِيِّ السَّقَطِي، أنشده لمَّا كان في عِلَّتِه التي مات منها.
(٣) قوله: "أن يكون" سقط (س).
(٤) تقدَّم تخريجه.