للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك بَرَدَ لنا، وأنَّ كل شيء عملناه بعده نجونا منه كِفَافًا؛ رأسًا برأس، فقلت: إن أباك - والله - خَيْرٌ من أبي" (١)، ولستُ أعلم حديثًا صحيحًا وَرَدَ فيه لفظُ الرجاء غير هذا.

أَمَا إِنَّ المعاني في الرجاء والخوف الواردة في الأخبار كثيرة، وفي الأحاديث الحسان أخبارٌ كثرة جدًّا فيها ذِكْرُ الرجاء، وأطنب المصنفون في ذلك بما لا أصل له، فلا تُعَوِّلُوا عليه، فأمَّا الآيات، فذِكْرُ الرجاء والخوف فيها كثير (٢).

[حالُ الملائكة في الخوف]:

وأمَّا حالُ الملائكة في الخوف فعلى منزلة عظيمة، قال الله تعالى: ﴿يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [النحل: ٥٠] وقال تعالى: ﴿وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ﴾ [الأنبياء: ٢٨]، فأخبر الله سبحانه أنهم يخافون ويُشفقون على أنفسهم من خشيته وليس لهم ذنب، وهذه الآية من أصول أهل (٣) السنة في أن لله أن يُعَذِّبَ البريء من الذنب، ولولا ذلك ما خافته الملائكة؛ لعِلْمِها بأنه لا يُعَذِّبُ إلَّا من أذنب (٤).

ثم قال: ﴿وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ﴾ [الأنبياء: ٢٩]، وقد عَلِمَ أنه لا يقولونه، ولكنه علم أن لو كان كيف يكون


(١) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب مناقب الأنصار، باب هجرة النبي ، رقم: (٣٩١٥ - طوق).
(٢) في (ك): كثيرة.
(٣) سقطت من (ك) و (ب) و (ص).
(٤) ينظر: لطائف الإشارات: (٢/ ٤٩٩).