للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمِينِ، في الدرجة الثالثة من (١) الفضل، وناهيك بهذه جلالة، صلَّى الله عليهما، ورضي عنه.

والأمِينُ حقيقةً: هو الذي أُمِنَ ضُرُّه، واؤتمن على غيره، فهو عنده أو معه على صفته، لا تخاف عليه آفة، ولا يُتوقَّع عليه تغيير.

تقول: "أَمِنْتُ كذا، بأَلِفٍ واحدة"، إذا لم تخف جهته، "وآمَنْتُ فلانًا على كذا، بأَلِفين"، إذا جعلت عنده ما لا يتوقع (٢) عليه آفة، "وائتمنته - بتائين فِعْلًا مضاعفًا - ": إذا اعتقدتَه أمينًا، أو اتَّخذتَه أمينًا.

[[ما ورد من الآيات في شأن يوسف وإخوته]]

وقد قال الله تعالى في سورة يوسف: ﴿مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ﴾ [يوسف: ١١]، أي: لا ترى أنه معنا في سلامة من الآفات، على ما هو عليه من الصفات، وكان هذا قَوْلَ حَسُودٍ.

يُرِيكَ الرضى والغِلُّ حَشْوُ ضُلُوعِهِ … وقد يُسْتَسَرُّ الأمرُ تُخْشَى عواقبُهْ

ولا ينفع المَرْءَ الحَذُورَ من القضا … حِذَارٌ فإنَّ القَدْرَ لا شك صاحبُهْ (٣)

وقد كان يعقوبُ تَفَرَّسَ من إخوته الحَسَادَةَ، حتى قال ليوسف: ﴿لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا﴾ [يوسف: ٨]، ولكن الباري لمَّا أراد أن يُنْفِذَ قضاءه أذهل يعقوب عمَّا كان خاف عليه (٤)، فأسلمه


(١) في (ب): في.
(٢) في (ص) و (ب): تتوقع.
(٣) من الطويل، والأوَّل في المستطرف: (ص ٤٤)، وفيه: "حشو جفونه"، والثاني لم أجده.
(٤) لطائف الإشارات: (٢/ ١٧١).