للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الباعثُ على رجوع ابن العربي إلى الأندلس]:

وغَالَبْتُ الأقدار فغَلَبَتْ عَلَي بحياة الوالدة، التي لم يكن لها (١) غيري، وكانت لَهْفَى حَسْرَى بَاكِيَةً عليَّ، فتعيَّن في الدِّينِ أن أَكِرَّ عليها راجعًا، مُمْتَثِلًا لأمر الله، وله فيَّ حِكْمَةٌ (٢) بعد انقيادي لطاعته وطاعتها، ثم ماتت وقد وَتَرَنِي (٣) الأَهْلُ والوَلَدُ، وانتهى كُلُّ شيء إلى ما كُتِبَ (٤) له من الحال (٥) والأَمَدِ، وليس لأحد عن قضاء الله مُلْتَحَدٌ.

اللَّهم إنَّا نعوذُ بك من دَرَكِ الشقَاءَ، وسوء القضاء، وجَهْدِ البلاء، وشماتة الأعداء.

[أقسامُ الهجرة (٦)]:

والهِجْرَةُ على أقسام، رؤُوسُها ثَمَانِيَةٌ:

الأوَّل: الهِجْرَةُ من الخَوْفِ على الدِّينِ والنفس، كهجرة النبي آخِرًا أَوَّلًا، فإنه وأُمَّتُه الآخِرُون السَّابقون، نَبِيٌّ بنَبِيٍّ، وأُمَّةٌ بأُمَّةٍ، فكانت له ولهم للخَوْفِ (٧)، فلمَّا اسثقر في دَارٍ وأَمِنَ الذَرَا (٨)، وعَمَرَ الحَرَا (٩)؛ تعيَّن على كل مسلم القَصْدُ إليه، وحَرُمَ عليه البقاءُ دونه، إلَّا لمن أَذِنَ له، تَحْرِيمًا


(١) سقطت من (س).
(٢) في (د) و (ص): حكمه.
(٣) في (ص): وتد بي.
(٤) في (ص): كنت.
(٥) سقطت من (ص).
(٦) ينظر: أحكام القرآن: (١/ ٤٨٤).
(٧) في (ص): هجرة الخوف.
(٨) في (ص): الردى، وينظر في معاني الذَّرَا: تاج العروس: (٣٨/ ٩٠).
(٩) ينظر: تاج العروس: (٣٧/ ٤١٨).