للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعَطَفْتُ عِنان عَزْمِي إلى البلد، فجئت وبابُه لمَّا يُفْتَحْ بَعْدُ، فنَظَرْتُه حتى فُتِحَ، فخرج عليه أصحابٌ ممَّن كان يقرأ القرآن (١) عليَّ، فلمَّا وَصَلُونِي لَصِقَ بي أحدُهم، وأَسَرَّ في أُذُنِي بقوله: "تُوُفِّيَ أَبُوكُ" (٢)، فما سمعتُ قطُّ قبلها سِرًّا أَصَمَّ إلَّا ذلك السر.

[صَيْحَةُ القيامة]:

ولَعَمْرُ الله إنَّ صيحة القيامة مُصِمَّةٌ مُسْمِعَةٌ، تُصِمُّ عن الدنيا وتُسْمِعُ أمور الآخرة، وبهذا كله كان "يوم عظيم" (٣)، كما قال سبحانه في وصفه بالعِظَمِ (٤)، وكُلُّ شيء كَثُرَ في أجزائه فهو عظيم (٥)، وكذلك ما كَثُرَ في معانيه، وبهذا المعنى كان الباري عظيمًا لسَعَةِ قدرته وعلمه، وكَثْرَةِ مُلْكِه الذي لا يُحْصَى، ولمَّا كان أمرُ الآخرة لا يَنْحَصِرُ كان عظيمًا بالإضافة إلى الدنيا، ولمَّا كان مُحْدَثًا لَهُ أوَّلٌ صار حَقِيرًا بالإضافة إلى العظيم الذي لا يُحَدُّ.

* * *


(١) لم يرد في (س) و (ز).
(٢) كانت وفاته عام ٤٩٣ هـ.
(٣) في طرة بـ (س):: في الأصل يومًا عظيمًا، وكتب على الهامش: يوم عظيم، عليه ما نصه: بخطه، وأظنه للمؤلف، وفي (د) و (ز): يومًا عظيمًا، ولعلها مُصلحة، والصواب ما أثبتناه.
(٤) [الشعراء: ١٨٩].
(٥) ينظر: الأمد الأقصى لابن العربي -نسخة رضى رامبور-: (ق ٥٢/ أ).