للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تكملة: [في قول الرجل: أنا مؤمن إن شاء الله]]

اختلف الناس في قَوْلِ الرجل: أنا مُؤْمِنٌ إن شاء الله، على ثلاثة أَقْوَالٍ:

أحدُها: أنه يَجِبُ عليه إذا أخبر عن نفسه بالإيمان أن يَقْرِنَه بالمشيئة.

[ثانيها]: وقال آخرون: لا ينبغي أن يفعله.

[ثالثها]: وقال آخرون: إن فَعَلَه جاز، أو تَرَكَه فمِثْلُه.

والقول فيه طويل، وَجِيزُه: أن العبد لمَّا كان لا يَمْلِكُ عَقْدَه ولا قَوْلَه ولا فِعْلَه كان حقًّا عليه أن يُضيفه إلى مشيئة من هو بيده، فإذا صرَّح به فقد قال الحقيقة، وهذا (١) قَوْلُ من أوجبَه، لأنه لَوْ لَمْ يفعل ذلك لكان قد أَثْبَتَ لنفسه ما رُبَّما لم يَثْبُتْ له.

وأمَّا من قال: إنه يُمْنَعُ منه؛ فلأنه يدل على شَكٍّ في دوام الحال، وهو إنَّما ينبغي أن يَجْزِمَ عَقْدَه، والباري يُنْجِزُ (٢) وَعْدَه، ويُظْهِرُ ما عنده.

وأمَّا من قال: إنه جائز له؛ فهو عندي على تَأْوِيلٍ، كأنه يقول: أنا مُؤْمِنٌ الآن جَزْمًا، إن شاء الله أن يُجَدِّدَ لي فيه كل وقت عَزْمًا.

والذي يَصِحُّ من هذه الأقوال: إِطْلَاقُ القول بأنه مؤمن، ولا يدخله استثناء، بتأويل ولا بغير تأويل (٣)، قال النبي : "لا يقولن أحدكم: اللهم


(١) في (ص) و (د): فهذا.
(٢) في (ص) و (د) و (ز): سينفذ.
(٣) في (س): بغير تأويل ولا تأويل.