للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فظهر بهذا أن هذا الذي ساقه وظنَّه من المحكمات إذا به يظهر زَيْفُه ودَجَلُه، فلا هو حقَّق فيما قال، ولا هو نظر فيما يقال، ولله في خلقه شؤون.

الموطنُ التاسع:

قال الغماري: "ومن ذلك - وهو أغرب من الذي قبله - قولُه: وفي الصلاة على النبي وفضائلها أحاديث كثيرة، لم يصح منها شيء، ولا شك في أن له فضلًا لا يحصى؛ لكنه لم يرد فيه سند يُعتمد عليه.

أقول: لو كان هذا المجنون نجديًّا لقلنا: إنه عدو لرسول الله ، كما هو عدو لآل بيته، فما أدري ما أقول بعد هذا الجهل البيِّن، والكذب الصُّرَاح" (١).

قلتُ: ونَقْدُه من وجوه:

أوَّلها: لم يفهم هذا الغماري قولَ الإمام الحافظ أبي بكر، ولا أدرك مقصده، وقد قدَّمنا أن ابن العربي يقصد في كثير من أقواله هذه إلى ما شاع بين الوعَّاظ والقصَّاص والمتصوفة والمتزهدة، في احتطابهم وجمعهم لكل حديث قيل في الباب، من غير تمييز بين صحيح؛ وهو قليل، وبين ضعيف؛ وهو كثير، وبين باطل؛ وهو لا يحصى.

ثانيها: وإذا كان قد أطلق ابنُ العربي هنا القول فقد قيَّده في مواضع أخرى (٢)، فذكر عددًا من الأحاديث الواردة في الصلاة على النبي ،


(١) جؤنة العطَّار: (٢/ ٤٦).
(٢) العارضة: (٢/ ٣٩٠ - ٣٩٤)، والأحكام: (٣/ ١٥٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>