للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكايةٌ مع المقرئ محمد بن عبد الرحمن الزاهد (١)]:

وكنتُ أُصَلِّي ليلةً صلاة المغرب بالمسجد الأقصى - طهَّره الله (٢) - مع إمام الباب الأخضر عند بَابِ (٣) حِطَّة، الذي قيل فيه لبني إسرائيل: ﴿ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ﴾ (٤) [البقرة: ٥٨] وفي الجماعة شيخنا أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن المقرئ الزاهد، وأنا عن يمينه، وعن يساره رجل، ويَلِيهِ رجل آخر، فلمَّا قضينا الصلاة قال الرجل الذي كان ثالث المقرئ للَّذي عن يسار المقرئ ثانيه: أفسدت صلاتك، ما زِلْتَ ترفع قبل الإمام وتخفض، قال له: كذبت، قال له: بل كذلك فعلت، فإني نظرتُ إليك في صلاتك كلها، وأنت مستمر على هذا الفعل، ورَدَّ وَجْهَه إلى شيخنا أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن المقرئ الزاهد، وكان عن يمين هذا المصلي، فقال له: يا فقيه، أليس هكذا كان فِعْلُه؟ فقال له المقرئ: لا عِلْمَ لي، لم أشتغل بأحد ولا بصلاته، إنَّما اشتغلت بصلاتي وبنفسي، فخجل ذلك المتكلم وأُبْهِتَ، وانصرفنا نتعجَّب من ذلك (٥).


(١) الفقيه الإمام، العلَّامة المقرئ، محمد بن عبد الرحمن المغربى، أبو عبد الله الزاهد، وفي القبس (٣/ ١١٧٥): "أبو عبد الله النحوي"، وذكره ابنُ العربي في كتاب "الأحكام" و"النكت"، وظهر من خلال نقولاته عنه أنه كان نحويًّا، وبنفل عنه أيضًا الإمام أبو حامد الطُّوسِي في كتابه "المنخول"، فأفاد هذا أن ابن العربي شارك أبَا حامد في سيحه هذا، وغالب الظن أن يكون أبو حامد قد لقيه ببيت المقدس؛ إذ كان أحد المجاورين ليه، ينظر: أحكام القرآن: (٣/ ١٠٦٠)، والمنخول: (ص ٩٠).
(٢) في (ع): ثبَّته الله على الإسلام.
(٣) سقط من (ك) و (ص) و (ب).
(٤) في (ك) و (ب) و (د): ﴿وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا﴾.
(٥) ينظر: أحكام القرآن: (٣/ ١٣٠٩).