للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أقوالُ المتأولين في قوله تعالى: ﴿لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي﴾]:

وأمَّا السؤال الثالث: في قوله: ﴿لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي﴾؛ فقد تأوَّله الناس قديمًا وحديثًا على اختلاف طبقاتهم، فرأى كلُّ وَاحِدٍ رَأْيًا حَسْبَ ما أدَّاه إليه نَظَرُه، الحاضرُ منها الآن عشرة أقوال (١):

الأوَّل: هَبْ لي مُلْكًا لا أُسْلَبُه، فقد رُوي: "أنه سُلِبَه، وتمكَّن الشيطان من خاتَمه فلَبِسَه، وحَكَمَ به مثله" (٢).

وهذا قَوْلٌ باطل، قد بيَّنَّا فساده في غير موضع (٣).

الثاني: لا أُسْلَبُه؛ فإني أُرِيدُه مُعْجِزَةً ودِلَالَةً على صِدْقِي، فتبقى آيَتِي معي ما بَقِيتُ (٤).

وبهذا ينبغي أيضًا ألَّا يكون لغيره؛ لأنه لو لم ينفرد بها لمَا شَهِدَتْ له بصِدْقٍ.

الثالث: أراد به تَشْرِيفَه به، لأن شَرَفَ الدنيا مَعُونَةٌ على شَرَفِ الآخرة وعُنْوَانٌ لها.

الرَّابع: لا ينبغي لأحد من بعدي أن يَسْأَلَه.

فكأنة سأل مَنْعَ السؤال بعده، حتى لا يَتَعَلَّقَ به أَمَلٌ لأحد، ولم يسأل مَنْعَ الإجابة.


(١) أورد جُلَّها الإمامُ الثعلبي في الكشف والبيان: (٨/ ٢٠٩ - ٢١٠)، وفصَّل فيها ابن العربي في أحكام القرآن: (٤/ ١٦٤٩ - ١٦٥١).
(٢) سراج الملوك: (١/ ١٨٠).
(٣) ينظر: أحكام القرآن: (٤/ ١٦٥٠).
(٤) سراج الملوك: (١/ ١٧٩).