للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتشهدُ أنت بمثل شهادته وأفضل، وتشهد عليه أيضًا بما شَهِدَ به على نفسه كما يشهد عليك؛ فإنه مما يجب أن تتحقَّقوه - معشر المريدين - أَنَّ السماوات ومن فيها، والأرضين (١) ومن فيها وما فيهما جميعًا؛ كلُّ يشهد للمطيع بما أطاع، وللعاصي بما عصي، كما تشهد به عليه جوارحه، ويفرح الكلُّ بطاعته، ويبكي لمعصيته، ويأنس بعمله الصالح، ويتبرَّك به، ويستوحش من عمله السيء ويتشاءم (٢) به، وهذا كله منصوصٌ كتاب الله وعلى لسان رسوله.

وللعلماء اختلافٌ في كيفيته، وقد بيَّنَّاه في "كتاب المشكلين"، فلينظر هنالك.

[الحذرُ من شهادة الزُّورِ بنسبة الفعل لغير الله تعالى]:

وليَحْذَرْ كلُّ أَحَدٍ من شهادة الزور، والكذب على الواحد والجمهور؛ فيكذب على موجودات الأرض ويكذب على السماء.

فمن كَذِبِه على الأرض وما فيها شهادتُه على النار بأنها تُحرق، أو على الجمادات كلها بأنها تفعل شيئًا، وهذه شهادة زُور، وكذب كبير، ولا يَحِلُّ لأحد أن يشهد إلَّا بما أدرك بحواسِّه، أو حصل له به العِلْمُ ابتداءً في نفسه، والذي شَاهَدَ بحواسِّه ورأى بعينه أن شيئًا إذا جاور (٣) النَّار احترق.

فإذا قال: شهدتُ أن الهشيم إذا اتَّصل بالنار احترق، كان هذا الكلام صِدْقًا، والشهادة حقًّا.


(١) في (ك) و (ص) و (د): الأرضون.
(٢) في (ك) و (ص) و (ب) و (د): يستشئم، وضبَّب عليه في (د)، والمثبت من طرته.
(٣) في (د): جاوز.