للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتاب "العواصم من القواصم"؛ لأنه فضحهم وكشف عورتهم، فالتمسوا ليجدوا ما يطعنون عليه به؛ فلم يجدوا إلا التخرص، والتأويل لبَعِيدِ كلامه، وهذه عادة أهل الأهواء وسيرتهم التي رضوها لأنفسهم، أعاذنا الله منهم ومن نهجهم.

وبهذا يظهر أن تلك الترجمة التي تضمَّنها هذا الكتاب قائمة على الكذب والاختلاق، وأنَّ من قال بقولها أو سار بسيرها فإنما هو على طريق الكَذَبَةِ والبَطَلَةِ، وكفى بالمرء كذبًا أن يحدث بكل ما سمع.

المبحث الثالث: حَسَدُ علماء إشبيلية لابن العربي

قال الحافظُ ابن دحية: "كان القاضي أبو بكر محسودًا في بلده، ويُنْسَبُ إلى ما لا يليق به" (١).

فإذا علمنا أن ابن دحية كان ظاهري النحلة داودي المذهب؛ عَلِمْنَا ما في كلمته هاته من الجلالة والنفاسة، وما فيها من الإنصاف، ومع أن ابن العربي كان مجانبًا لابن حزم، منافرًا لداود، ومع ذلك رأى ابن دحية أن يقول كلمته هاته التي تطابق الواقع، والتي تفصح عمَّا كان يعانيه القاضي من حَسَدَتِه وأهل بلدته، لتكون كلمة ابن دحية كافية في رِفْعَةِ القاضي وارتفاع شأنه، رغم حسد الحاسدين.

وقال تلميذه أبو محمد الأَشِيرِي: "ولي القضاء بإشبيلية، وأقام فيها العدل؛ حتَّى حسده من كان مساعدًا، ونابذه من كان معاندًا" (٢).


(١) اختصار سراج المريدين للمغيلي: (ق ١ / أ).
(٢) المقدمة الدراسية لكتاب المتوسط في الاعتقاد: (ص ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>