للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله ، وهي نَحْو من ثلاثة آلاف سُنَّةٍ" (١)، فظهر أنه إنَّما يقصد المتون لا الطرق.

السَّابع: ولو ذهب الغماري في كل سبيل لما استطاع أن يُثْبِت أن جملة ما في الصحيحين يفوق ثلاثة آلاف سُنَّةٍ، فما زاده مُسْلِمٌ على البخاري ليس بالحديث الكثير، ولمعرفته بأن الأمر صعبٌ أشبهُ بالمحال شَاغَبَ بذكره لعِدَّةِ أحاديث البخاري؛ ليستغفل قارئه ومريده، فيتسلل إلى قلبه ليقرر فيه ما يشاء، حتى يعتقد الناظر أن هذا الرجل المسمَّى بابن العربي ما هو إلَّا مُدَّعٍ لا غير، يؤكد هذا ويُبيِّنُه - وهو -:

الثامن: أنه ذكر أمرًا يبعث على الضحك، وهو قوله: "إن البخاري قال: أحفظ مائة ألف حديث صحيح"، فانظر إلى تدليسه على القارئ، وهو يعلمُ قبل غيره أن مقصود البخاري وغيره ممَّن شاركه في حفظ هذا القَدْرِ هو الطرق، لا المتون (٢)، ولكنه يحشد في سبيل زيفه وإفكه كل ما يجده تجاهه، لعله يَهُولُ القارئ مطلعه ومفظعه، ولكن هيهات يا غماري!

وظهر بهذا الذي سقناه أن نَقَدَاتِ الغماري ما هي إلَّا نَقَرَات؛ رَدٌّ مردود، ونَقْدٌ منقود، وصَدٌّ مصدود.

الموطنُ الثامن:

قال الغماري: "أمَّا مجازفته في إنكار الأحاديث فشيء يطول بذكره المقام، بل ويعسر الإحاطة به، لا سيما وليس معنا من كُتُبِه في هذا


(١) نكت المحصول: (ص ٣٠١).
(٢) وذكر ما قلناه الإمام الحافظ ابنُ الجوزي في صيد الخاطر: (ص ١٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>