للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا تحقَّقتم أن الكريم من جَمَعَ خصال الخير؛ فحَصِّلُوها اعتقادًا وقَوْلًا وعَمَلًا؛ تَتَحَقَّقُ لكم الصفة، ويَعْرِفُها فيكم أَهْلُ المعرفة.

[آثارٌ في الجُودِ بالمال]:

ومن أوصاف المُرِيدِ الكريمة التي بها يكون كريمًا في أفعاله ألَّا يَعْتَدَّ بماله، بل ألَّا يدَّخره عن أصحابه، إذ لا يَتِمُّ الكَرَمُ في الذات إلَّا بأن يَتْبَعَهُ الكَرَمُ في الفعل.

وأَوَّلُه: المواساة؛

وثانيه: الإيثار بالمال؛

وثالثه: الإيثار بالأهل؛

ورابعه: الإيثار بالنفس.

فأمَّا المواساة فهي معلومة وكثيرة في الخلق؛ قديما وحديثًا، على اختلاف مراتبهم، وتباين أزمنتهم، وذلك ينشأ من المعرفة بالله وبالدنيا وبمكارم الأخلاق؛ فتَسْخُو النفس بما تعلم أن لا قَدْرَ له، وأنَّ قَدْرَه حقير.

ولم يكن في هذه المرتبة العالية أَحَدٌ إلَّا رسول الله، كان أجود الناس، "وكان أجود ما يكون في شهر رمضان إذا لَقِيَهُ جبريل، فلَرَسُولُ الله حينئذ أجود بالخير من الريح المرسلة" (١).

وسأله رجل فأعطاه غَنَمًا بين جبلين، فأدرك قومه وقد أسلم، وقال: "أسلموا، فإني رأيت مُحَمَّدًا يعطي عطاء من لا يخاف الفقر" (٢).


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه عن أنس : كتاب الفضائل، باب ما سئل رسول الله شيئا قط فقال: لا، وكثرة عطائه، رقم: (٢٣١٢ - عبد الباقي).