للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: وهذا إسناد فيه انقطاع بين الجُوَيني وأبي طالب، وكذلك بينه وبين الجُنَيد، فلا ينبغي التعويل عليه.

المسألة الثانية: مذهبُ ابن العربي في التصوف والصوفية

شُهِرَ عن الإمام ابن العربي أنه مُجَانِبٌ لطرائق المتصوفة، مُبَايِنٌ لهم، حَاطٌّ من أقدارهم، غير راض عن سيرتهم، وهو قَوْلٌ أشاعه من أشاعه لأغراض، هي في الحقيقة أوصاب وأمراض، ونأتي في فصلنا هذا على ذِكْرِ ما يفيد غير ما انتشر، ونعطف عنان الكلام لنُظهر هذا الذي يخالف سيرة الناس اليوم، ونُبَيِّنُ جلالة المتعبدين عنده، وموقعهم في نفسه، وما خُصُّوا به في هذا "السراج"؛ من عَلِيِّ المنزلة، ومَلِيِّ المرتبة، ونجعل هذه المسألة في فرعين اثنين:

الفرع الأوَّل: في معرفة ابن العربي بمذاهب الصوفية

قال ابنُ العربي: "أَفْنَيْتُ عظيمًا من الزمان في طريقة الصوفيين، ولقيتُ رجالاتهم في تلك البلاد أجمعين، وما كنتُ أسمع بأحد يُشار إليه بالأصابع، أو تُثنى عليه الخناصر، أو تُصيخ إلى ذِكْرِه الآذان، أو ترفع إلى مَنظرته الأحداق؛ إلَّا رحلتُ إليه قَصِيًّا، أو دخلتُ إليه قريبًا" (١).

وقال أيضًا: "يعلم الله، وتشهد لي كُتُبِي ومسائلي وكلامي مع الفرق؛ بأني جِدُّ بَصِيرٍ بأغراضِ القومِ ومقاصدهم" (٢).


(١) قانون التأويل: (ص ١٢٠).
(٢) قانون التأويل: (ص ٢٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>