لم تكن قراءة كتاب "سراج المريدين" بالأمر السهل، واعترضتْنا موانعُ كادت تصرفنا عن إتمام العمل، وذلك أن "مقدمة السراج" في أكثر النسخ قد لحقها من الفساد الشيء الكثير، فبعضها أتتْ عليه الرطوبة، وبعضها شاع فيه التصحيف، وبعضها فُقِدَ ولم نقف له على أثر، وكانت معاناتنا شديدة من أجل إقامة هذه "المقدمة"، التي استعصت على كثيرين، وكلما نظرتُ فيها إلَّا وتحسَّرتُ على الكتاب ألا يخرج بمقدمته التي تخيَّرها له الإمام الحافظ ابن العربي.
ومضتْ أيَّام وشهور وتلك "المقدمة" على حالها، ومع تكرر النظر فيها مرَّة بعد مرَّة كنتُ أظفر بلفظة فأقيمها وأصححها، ولم تقع الكفايةُ في نظرنا بما في نُسَخِ "السراج"، بل فتَّشنا عمَّن اعتنى أو أفاد من مقدمته تلك، حتى ظفرنا بنقل جليل للإمام ابن العديم الحلبي، فذكر تلك "التقدمة"، فابتهجنا لها وطربنا، وهكذا، حتى استوتْ تلك على سوقها.
ومع كثرة النسخ ووفرتها إلا أن الأمر لم يكن مُمَهَّدًا لنا كما ينبغي، ففي الوقت الذي تحتاج تلك النسخ أو تُعَوِّلُ على بعضها تجدها أبعد شيء عن الاعتماد والاعتضاد، فتلك اللفظة التي تريد تصحيحها تجد جميع