للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكنتُ أرى القاضي المذكور وجميع الحضور قد استولى عليهم البكاء والخشوع، والحنين والذَّنِين (١)، والتوجع والتفجع، والدعاء والتضرع، وأنا متفكر في هذه الألفاظ، متوقل (٢) على هذه الأغراض، فما تلتئم لي (٣)، فكنتُ أقول: هل حال بيني وبين هؤلاء قسوة مغربية - أم غفلة شهوانية أم نية دينية؟ وتأملتُ عند تفقهي ذلك كلَّه، فعلمت أنه ليس على طريق من مضى، فأعرضتُ عنه وقلت: لا أرضى، وقد (٤) بَيَّنْتُ خروجه عن التأويل في "القانون" (٥)، وكلكم يرى خروجه، ويُدْرِكُ مفارقته لما ينبغي، وسنشير في بقية الباب و"الأسماء" إلى هذا الغرض إن شاء الله.

[رُكوبُ بعض الوعاظ مَتْنَ الكذب على رسول الله]:

ومنهم من يستجيزُ الكذب على النبي صُرَاحًا، ولا يرى في ذلك جُنَاحًا، كما أخبرني محمد بن عبد الملك عن أبي الفضل الجوهري، قال: ذكر لنا يومًا أن النبي مرض فعاده أبو بكر، فلمَّا رآه أبو بكر (٦) خاف (٧) عليه، حتى خرج من عنده عليلًا، ووجد النبي خِفَّةً فجاء يعود أبا


(١) في (ص): الأنين.
والذنين: المخاط يسيل من الأنف، ينظر: تاج العروس: (٣٥/ ٦٦).
(٢) في (ص): متوكل.
(٣) في (س): تليتم به.
(٤) سقطت من (س) و (ص).
(٥) قانون التأويل: (ص ١٩٦ - ١٩٧).
(٦) قوله: "فلما رآه أبو بكر" سقط من (د) و (ص).
(٧) في (د) و (ص): فخاف.