وأكثرُ نقده كان لرجلين؛ أبي القاسم القُشَيري، وأبي حامد الطُّوسِي، فالأوَّل نقده فيما كان يذهب إليه - أحيانًا - في تفسير الآي، والآخَرُ نقده في خصوص مسائل من الاعتقاد، رأى أن أبا حامد قد جانب فيها الطريق، ومال فيها عن التحقيق.
ونَقَدَ القاضي أبو بكر المتفقهة؛ كالإمام أبي حنيفة، والشَّافعي، وابن أبي زيد، وابن عبد البر، وابن رشد، وجماعة المفتين بالأندلس.
ونقد أهل اللغة؛ كالخليل بن أحمد، وسيبويه، وأبي عُبَيد القاسم بن سلَّام.
ونقد القدرية والمشبهة، ورَدَّ كثيرًا من مقالاتهم، وبين ضررها وإضرارها، ومآلاتها ونتائجها.
ونقد الأدباء والمؤرخين؛ كالجاحظ، وابن المقفع، وغيرهما.
وقد جمعنا المسائل المنتقدة في فهرس جامع، وسمَّينا المنتقَدين، ودللنا على موضعهم، ليسهل بعد ذلك على من رام التعرف على طريقة القاضي أبي بكر في النقد، ومسلكه في النقض والرد.
القطب السَّادس: مقالات الصوفية والمتزهدة
وحوى هذا "السراجُ" الكثيرَ من مقالات الصوفية والزهَّاد، والكثير من إشاراتهم، ودقائق استنباطاتهم، وفيه ما سمعه منهم في مجالسهم، وفيه ما تحقَّقه بنفسه، وقد قدَّمنا أن الإمام الحافظ خالطهم سنين عددًا، وثافن أكابرهم، وصاقب المتجردين والعاكفين والمتبتلين؛ نساءً ورجالًا، واطَّلع