للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا أقواها في النظر، وإن كان الكُلُّ مُحتملًا، وبعضُه أقوى من بعض.

[آفةُ الشكر]:

وليَحْذَرِ العبدُ آفَةَ الشُّكْرِ، وهي من وجهين:

أحدهما: الغفلة عنه باسْتِدْرَارِ النِّعَمِ.

الثاني: اعتقادُ استحقاقها.

قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ﴾ [المنافقون: ٩]، وقال: ﴿أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ﴾ [التكاثر: ١ - ٢]، فإنَّك إذا كنت لله كان الله لك، وإذا اشتغلت بالله نَظَرَ لك الله فيما اشتغلت عنه به (١)، ولا تغترُّوا بسلامة أوقاتكم، ولا بتمادي نعمكم؛ عن أن تُقبلوا على عبادة ربكم، وتَرْقُبُوا آجالكم، وتتأهَّبُوا لما بين أيديكم، ولا تركنوا إلى العَطَنِ في مَبَارِكِ التسويف، وديار التخلف والتَّخْلِيف.

وقد قال الجاهلُ في نِعَمِ الله إذا ذُكِرَتْ (٢) عنده واستمرت عليه: ﴿إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي﴾ [القصص: ٧٨]، ذَكَرَ حَظَّ (٣) نفسه ونسي ربَّه، واعتقد أنه أُوتِيَ ما يستوجب، وحصل ما عنده بحق، وخرج على قومه في شَارَتِه العظيمة، وهيئته العجيبة، فلمَّا عاينوه انقسموا بالمقدار إلى نوعين:


(١) لطائف الإشارات: (٣/ ٥٩١).
(٢) في (ك) و (ب): كثرت.
(٣) في (ك) و (ب) و (ص): لَحَظَ، ومرَّضها في (د).