للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فما هو إلا أن يقع بصرك عليه فتجد لقلبك به عِلَاقَةً أشدَّ من عِلَاقَةِ الجارية الحسناء ذات الجمال، بقلب الشاب الذي عَدِمَ النساء، لا تمل من النظر إليه، ولا تسأم من الطواف به، في أحد أركانه حَجَرٌ أَسْوَد، إذا لَثَمْتَه وجدتَ أعذب من رُضاب الكِعاب، وأشهى من شَمِّ العُرْبِ الأتراب، فإذا غبتَ عنه تَلَفَّتَ قلبُك إليه أبدًا، وطلبتَ المَثَابَةَ إليه باقي عمرك، لغير معنًى (١) ظاهر، وإنما هو معنى يضعه الله في قلوب المؤمنين، وآية في حِكْمَتِه، وسَعَةُ رحمةٍ للمؤمنين، وعِيَارٌ (٢) على لقائه يوم الدين.

[إنْشَادٌ لأبي الفضل الجوهري لمَّا رأى الكعبة المُشَرَّفَةَ]:

وقد قال لي محمد بن عبد الملك التِّنِّيسِي (٣) الواعظ: حججنا مع أبي الفضل الجَوْهَرِي الصُّوفي (٤)، فلمَّا دخلنا على باب بني


(١) في (ص): أمر.
(٢) كذا في جميع النسخ.
(٣) لم أهتد إلى ترجمته بعد طول بحث، ويُكثر ابن العربي عنه رواية نوادر أبي الفضل الجوهري، ويأتي مزيدُ ذِكْرٍ له في كتابنا هذا، ينظر: المطرب لابن دحية: (ص ٢١٤)، ورحلة ابن رُشَيد: (٥/ ١٣٩)، ونفح الطيب: (٢/ ٤٢).
(٤) الزاهد الصوفي، أبو الفضل عبد الله بن أبي عبد الله حُسَين بن بِشْرِي المصري، عُرِفَ بابن الجوهري القرافي تـ ٤٨٠ هـ، واعظ بن واعظ، قال فيه ابن دِحية (المطرب: ص ٢١٥): "مصري، كان يسكن القرافة، واسمه عبد الله بن حُسَين، أسماه الإمام أبو بكر بن عطية، وهو واعظ جليل، وفقيه نبيل، روى عنه من العلماء؛ أبو مروان عبد الملك بن زيادة الله الطُّبْنِي، وأبو عبد الله محمد بن نصر الحُمَيدي، وغيرهما، وذكره الأمير أبو نصر بن مَاكولَا في كتاب الإكمال له، وأثنى عليه، وقال: روى عنه الحميدي"، وفي المنشور من فهرس ابن عطية =