للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأمَّا الحَدُّ فلا يسقط؛ على ما أوضحناه في "مسائل الخلاف" (١).

ثم أخبر تعالى بوقت قبول التوبة كما تقدَّم، وأنها لا تكون عند المعاينة لأمور الآخرة، وإنما تكون على الغيب، كما قال: ﴿يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ [البقرة: ٢]، فما أعطى الله جَزَاءً إلا لمن آمَنَ بالغيب؛ على الرجاء والخوف، فذلك هو طريقُ التوبة، وبظهور الغيب يُسَدُّ طريقُها (٢)، وفي مثلها قال الحَكِيمُ:

قلتُ للنفس إن أردت رجوعًا … فارجعي قبل أن يُسَدَّ الطريقُ (٣)

وقال تعالى (٤) في بيانه (٥): ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾ [النساء: ٦٤].

والمَجِيء إنما يكون مع الإمكان.

[مناجاةُ ابنِ العربي رسولَ الله ومعاهدتُه له]:

وقد كنتُ جِئْتُه فناجيتُه من قِبَلِ رأسه الرفيع، بإزاء البلاطة، وقلت له: يا رسول الله، إني فلان بن فلان، قَصَدْتُكَ مُسْتَغْفِرًا من ذنبي، مُتَشَفِّعًا بك إلى ربي، وقد بلَّغتنا عنه: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ﴾، وقد فَعَلْتُ، ﴿وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ﴾، فافعل


(١) ينظر: أحكام القرآن: (٢/ ٦١٤).
(٢) ينظر: المتوسط في الاعتقاد- بتحقيقنا-: ص (٤٦٥).
(٣) من الخفيف، وهو في لطائف القشيري بدون نسبة: (١/ ٤٦١).
(٤) في (ك) الله تعالى، وفي (ص): الله ﷿، وفي (ب): الله.
(٥) في (ك) و (ص) و (ب): كتابه.