للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نَقْدُ كلام أبي عُبَيد في تفسير الشِّجْنَةِ]:

وكَبُرَتْ كلمة خرجت من فيه، لم يَقْدُرْهَا قَدْرَها، لمَّا كان عَرِيًّا من طريق تقديس الله، وإنَّما كان طريقُه اللغة والعلم المسمَّى في اصطلاحهم بالفقه؛ معرفة أحكام أفعال المكلفين، وكان لم يتمرَّس بالنظر في طريق العلم بالله، ولا تُضَافُ القرابة من الله إلى العبد، وقد نفى الله ذلك، وكفَّر به من قاله، في قوله: ﴿وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ﴾ [الصافات: ١٥٨]، وإنَّما الشُّجُونُ في المحسوس هي الأغصان في الأشجار، والعُرُوقُ في الأبدان، وهي في المعقول: معاني الحديث التي يتعلَّق بعضها ببعض، ومنه المَثَلُ: "الحديث ذو شجون" (١)، فتَشَاجُنُ المحسوسات هي اتصالُ بعضها ببعض في حَيِّزٍ، وتَمَاسُّها في مكان، وتَشَاجُنُ المعقولات ارتباطُ بعضها ببعض دلالةً، وتشاجن الرحم وارتباطها بالرحمن إنَّما هو ارتباطُها في الدِّلالة به، والأَمْرُ بحِفْظِها منه، وهذه كلمة عُبَيْدِيَّةٌ (٢)، بها تعلَّقت في إلحادها الطائفة الفلسفيَّة (٣)، وركَّبت عليها ما أغوى طائفة من البريَّة، فخذوها بيضاء بحمد الله نقيَّة.

[تفسيرُ حديث: إن آل أبي طالب ليسوا لي بأولياء]:

وأمَّا قوله : "إن آل أبي طالب ليسوا لي بأولياء، إنما وليِّيَ الله وصالح المؤمنين" (٤)، فإنَّ هذا الحديث وقع في البخاري مُبَيَّضًا، قال


(١) غريب الحديث لأبي عُبَيد: (١/ ٢٦٤).
(٢) نسبة إلى أبي عُبَيد.
(٣) إذ قالوا: "هذا نَسَبٌ بين الله وبين الرحم"، ينظر: العارضة: (٨/ ١٩٢).
(٤) قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (١٠/ ٤٢٠): "قال أبو بكر بن العربي=