للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والذي يؤكِّد صِلَةَ الرَّحِمِ أنَّها لا تنقطع مع الكفر؛ قالت أسماء بنت أبي بكر: "قلت: يا رسول الله، إن أُمِّي قَدِمَتْ عليَّ راغبة، وهي مشركة، أفأصلُها (١)؟ قال: نعم، صِلِي أمَّك" (٢)، صحيح من الصحيح.

وقد فسَّرنا قول النبي : "من سَرَّهُ أن يُبْسَطَ له في رزقه ويُنْسَأَ له في أَثَرِه فليَصِلْ رَحِمَه" في كتاب "العِوَضِ المحمود" إملاءً عليكم، وفي كتاب "المشكلين"، وبيَّنا قوله: "أَخَذَتْ بحَقْوِ الرحمن" في "المشكلين".

والمعنى فيه: أن الله قد أثبت لنفسه رِدَاءً وإزارًا، وهو الحَقْوُ، فقال: "الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، من نازعني واحدًا منهما قصمته" (٣)، ورُوي: "والعِزُّ إزاري (٤) ".

فضَرَبَ مثلًا للرَّحِم المتعلق بعَظَمَةِ الله لتُعَظَّمَ، حيث رُوي في الحسان بمعناه (٥): "أنا الرحمن، وهي الرحم، خَلَقْتُها وشَقَقْتُها من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته" (٦)، وهذا معنى قوله في الصحيح: "الرَّحِمُ شِجْنَةٌ"، كما تقدَّم، أي: "قرابة مُشْتَبِكَةٌ"، قاله أبو عُبَيد (٧).


(١) في (د): فأصلها.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الأدب، باب صلة المرأة أمها ولها زوج، رقم: (٥٩٧٩ - طوق).
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) بعده في (ص) و (ب): من نازعني واحدًا منهما قصمته.
(٥) في (ك) و (ص) و (ب): معناه.
(٦) تقدَّم تخريجه.
(٧) غريب الحديث لأبي عُبَيد: (١/ ٢٦٤).