للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كأن الفَتَى لم يَعْرَ يومًا إذا اكْتَسَى … ولم يَكُ صُعْلُوكًا إذا ما تَمَوَّلَا (١)

قال الإمام الحافظ أبو بكر بن العربي (٢) : أمَّا الذي قاله الأستاذ: "من سِرَايَةِ الجناية"، فليس يُسَلَّمُ له؛ فإنَّ كل أَحَدٍ له ذَنْبٌ، وما أصابه فبذنبه، ويعفو عن كثير.

[حقيقةُ المُضْطَرِّ]:

والمُضْطَرُّ هو الذي يُوقِعُه ذنبُه في أُنْشُوطَةٍ، فيتطارحُ على ربه ويَتَمَلَّقُ له، ويرمي بنفسه بين يديه ويستسلم إليه، ويعترف بالذنب لديه، ولو كان إجرامُه يقطعُ دعاءه لكان ذلك يأسًا، و ﴿لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ [يوسف: ٨٧].

وأمَّا قوله: "إن حقيقة المضطر من يرى نفسه كالغريق في البحر، والضَّالِّ في المتاهة؛ الذي ليست (٣) له حيلة"، فصحيحٌ، وكذلك هو كلُّ مؤمن مع ربه؛ فإنه يعلم أنه لا يملك لنفسه شيئًا ولا لغيره، ويرى أنه إن عاقب فله ذلك بمُلْكِه، وإن عفا عنه (٤) فبفضله، وإن أجاب فبوعده، وإن لم يُجِبِ العَبْدَ فيما سَلَفَ من تقصيره في حقه؛ وهذا هُوَ المُضْطَرُّ.


(١) البيت من الطويل، وهو من قطعة لجابر بن ثعلب الطائي، وهو في ديوان الحماسة: (ص ٥٦)، والكامل: (١/ ٣١١)، ولطائف الإشارات للقشيري: (٢/ ٨٣).
(٢) في (د): قال الإمام الحافظ، وفي (ص): قال الإمام الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن العربي.
(٣) في (د) و (ص): ليس.
(٤) سقطت من (د) و (ص).