للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تركيب: [في التعلق بالمعاش]]

فإذا ثبت هذا فإن اللَّازم في بلادنا هذه للمرء أن يتعلَّق بالمعاش؛ إمَّا بالاحتطاب، أو الاحتشاش، أو يكون معمارًا لثَمَرَةٍ، أو دْار يَرْكُلُ فيها بمِسْحَاتِه (١)، ويصون ماء وجهه (٢)، ويتحرَّى ممَّن يبيع ولمن يخدم في طلب الحلال، فإن عَدِمه فالمشتَبِه، أو يسأل - كما قدَّمنا - إخوانَه الذين يَثِقُ بهم في مواساته، وأنَّه إذا اتَّقى الله ولزم باب العبادة فُتِحَ له بابُ الرزق قطْعًا، على ما يأتي بيانُه في "الصفات" إن شاء الله، ووقعت الإشارة إليه آنفا في الحالات السَّابقة.

وأمَّا الذي لا يشبع وإنَّما يَقُوتُ نفسه فهو الأفضل؛ فإن النبي قال: "ما ملأ ابنُ آدَمَ وعاءً شَرًّا من بطن، حَسْبُ ابن آدم لُقَيْمَاتٍ يُقِمْنَ صلبه، فإن كان لا محالة؛ فثُلُثٌ لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنَفَسِه" (٣)، إلَّا أنَّ من يخدم لا بد له أن يَشْبَعَ، فإذا احتاج إلى بدنه في خِدْمَةِ الدنيا، أو نَفْسِه في خدمة العلم، فلا بد له من الشِّبَعِ والتنعم بما يُعِينُ على ما هو


= سيرة الصلاح والذكر والدلالة على الله التي سلكها ابن العربي في رحلته، وأنها لم تكن رحلة طلب فقط، بل كانت رحلة تعليم وبذل وعطاء، ويؤكد على ربانية هذا العالم، وربانية مقاصده وغاياته، ورضي عنه.
(١) في (س): بمساحته.
(٢) في (ص): وجناته.
(٣) أخرجه الترمذي في جامعه عن المقدام : أبواب الزهد عن رسول الله ، باب ما جاء في كراهية كثرة الأكل، رقم: ٢٣٨٠ - بشار، وقال أبو عيسى: "هذا حديث حسن صحيح"، وهو في المسند للإمام أحمد: (٢٨/ ٤٢٢)، رقم: (١٧١٨٦ - شعيب).