للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وباقيهما (١) عيون تسقي الأخياف، وينحدر (٢) إلى الوادي فيسيل لبساتين، فيها من كل فاكهة زوجان، ونخل ورمَّان، وما تشتهي من ثمار الدنيا نَفْسُ الإنسان، وفي أعلى الجبل الأدنى إلى بيت المقدس البُنيان الذي كان فيه المنجنيق، وقد اتخذه الناس رابطة، فنُقِيم هنالك معتكفين مُتَدَرِّسِينَ للعلم أيَّامًا مُتَنَعِّمِين، وبجنبها في بطن الوادي مُسْتَوْقَدُ النار، رمادًا مُتَّصِلًا في باطن الأرض إلى الماء.

[سببُ تسمية نابلس بهذا الاسم]:

فسألتُ قاضيها ابن خالد (٣) ورئيسها ابن مزهر (٤) عن معنى تسميتها "نَابُلس"، فقالوا لنا بأجمعهم: إن هذا الوادي كانت به حيَّة يقال لها: "لُس"، وكان (٥) قد حَمَتْ غِياضه وحرَّمت مياهه، حتى قُتلت بحكاية طويلة، ثم عُلِّقَ نابُها لعِظَمِه على باب المدينة، آية وعبرة، فقال الناس: "نَابُ لُسَّ"، وكتبوها مُتَّصِلَةً لكثرة الاستعمال.

[عِفَّةُ نساء نابلس]:

وهي بلدة مشحونة بالزهَّاد والعلماء والأخيار، وما رأيتُ أعفَّ من نسائها، ولا حَيَاءَ مُخَدَّرَةٍ؛ تمشي عمرك في الطريق لا يقع (٦) عينك فيها على امرأة إلَّا يوم الجمعة؛ فإن النساء في المسجد أكثر من الرجال، فإذا


(١) في (ك) و (ص): باقيها.
(٢) في (ك) و (ص): تنحدر.
(٣) لم أقف له على ترجمة، هو والذي بعده.
(٤) في (ك) و (ص): مزهد.
(٥) في (ك) و (ص) و (ب): كانت.
(٦) في (ك) و (ب): تقع.