وأجراهم مع السنة، وأحسنهم انتزاعًا للأحكام من الكتاب العزيز ومن الأحاديث الصحاح" (١).
ومَحَلُّ الشَّاهِدِ هنا قَوْلُ ابن ربيع: "الأحاديث الصحاح"، ليكون اعتناءُ ابن العربي بالأحاديث الصحاح كلمة اتفاق، بها عُرِفَ، وبها اشتهر، ولولا سابقُ معرفته بهذه الصنعة ما كان بالغًا هذه المرتبة، التي شهد له بها جِلَّةُ مشيخة العلم بالمغرب والأندلس.
وفي هذا الفصل أذكر بعضًا من دلائل النبوغ وشواهد التميز؛ التي مَكَّنَتْهُ من امتلاك ناصية هذه الصنعة الشريفة، وهي:
المبحث الأوَّل: اتساعُ ابن العربي في الرواية
إن كثيرًا من أسانيد الأندلسيين مُتَّصِلَةٌ بالإمام ابن العربي، ويظهر ذلك في كتاب "الفوائد المنتخبة" لابن بشكوال، وكتاب "المسلسلات" لابن الطَّيْلَسَان، وهذا يدل على أهمية الأسانيد التي أدخلها إلى الأندلس، ويمكن التعويل على جملة أمور في التدليل على اتساع روايته، نذكر منها:
الأوَّل: رحلته التي دامت عشر سنوات، وفيها لقي أكابر المحدثين والرواة.
الثاني: الكتب والأجزاء والمصنفات التي أدخلها إلى الأندلس، وهي مسموعاته من مشيخته، ويظهر بعضه في كُتُبِ البرامج والفهارس الأندلسية، مثل "برنامج" ابن خَيْرٍ الإشبيلي، و "برنامج" ابن عُبَيْدِ الله الحَجْرِي، وكذلك "إفادة النَّصِيح" و "ملء العَيبة" لابن رُشَيْد، و "برنامج" المِنتوْرِي،