للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذ فعلتَ كذا وكذا، فقام رجل من الصوفية مُتَعَبِّدٌ، ورمى بنفسه بين يديه، وطَرَحَ ثيابه مِنْ عليه، وجعل يقول: أنا هو ذاك، بالله نَادِ عليَّ، فلم يبق أَحَدٌ إلا تخيَّل الحالة وبكى، وعلا (١) ذلك في المجلس حتى وجدتُ قلبي على جموده (٢) قد لَانَ، وانحللتُ حتى وقعتُ على حائط المقصورة بظَهْرِي من رِقَّةِ القلب.

[مجلسُ الإمام أبي منصور الشيرازي]:

وحضرتُ يومًا مجلس شيخنا الإمام أبي منصور الشيرازي بنهر مُعَلَّى، وعادةُ الوُعَّاظِ ألَّا يرقى المنبر إلا عالم يجيب عن كل سؤال، ويستوي على المنبر، ويأخذ (٣) القراءُ القاعدون بين يديه في القراءة، فتُرمى الرقاع بالأَسْوِلَةِ (٤) من كل جانب، وتتداولها الأيدي حتى تبلغ إليه، فيجعلها تحت ركبتيه، فإذَا تَمَّ القارئون أخذها واحدة واحدة، وقال: هذا يسأل عن (٥) كذا، وجوابُه كذا، فلا يتلعثم في واحدة منها، ويأتي بكل ما يَحْسُنُ ويَشْفِي الصدور ويكمل، فكتبتُ له - وأنا صغير السن - رُقْعَةً أقول له: ما الحكمة في أن الله قال (٦) - مخبرًا عن إبليس -: ﴿مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ﴾، ولم يقل: من فوقهم، ولا من


(١) في (ص): وعلا البكاء في ذلك المجلس.
(٢) في (د): جمود فيه.
(٣) في (ص) و (د): ثم يأخذ.
(٤) في (س) و (ف): الأسئلة.
(٥) سقطت من (د).
(٦) في (ص): يقول.