للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقسامُ العلوم:

والعِلْمُ وإن كان معنًى واحدًا، وحقيقةً واحدةً؛ ولكنه يَنْقَسِمُ أقسامًا كثيرةً من جهات مختلفة، من جهة صفاته، واختلاف متعلقاته، وما يتصل به، ويرتبط معه.

أمَّا (١) انقسامُه من جهة صفاته فأمرٌ يختصُّ به أهل السنة، فإنهم يقولون: إنه على قِسْمَيْنِ: قديم ومخلوق، فعِلْمُ الله هو الذي لا أوَّل له (٢)، يتعلَّق بالمعلومات كلها على اختلاف أنواعها؛ من قديم ومُحْدَثٍ، وموجود ومعدوم، على الجملة والتفصيل، لا يَعْزُبُ عنه معنًى يَصِحُّ أن يتعلَّق به عِلْمٌ، ولايَتَقَدَّرُ في وَهْمٍ، فهو بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير.

والمقصود من العِلْمِ: العِلْمُ بالله تعالى، وبه يتعلَّق جميعُ المعلومات، فإنَّا نفتقرُ إلى أن نعلم ذاته وصفاتِه ومخلوقاته، ونعلم من ذلك جُمْلَةً من تفصيل، وقليلًا من كثير، إذ الإحاطةُ له خاصة، ونَعْلَمُ من وَجْهٍ، ونَجْهَلُ من وَجْهٍ، ويطرأُ علينا السَّهْوُ والذُّهُولُ والشَّكُّ، ويُعْدَمُ عِلْمُنا، وهو القُدُّوسُ عن ذلك كلِّه، وَجَبَتْ له صفات الكمال، وتفرَّد بنُعوت الجلال.

وتنقسم العلوم من جهة طُرُقِها إلى ثلاثة أقسام؛ قِسْمِ يَثْبُتُ في النفس ابتداءً، وقِسْمِ يُعْلَمُ بالحواس، وقِسْمِ يُعْلَمُ بالقياس على هذين القِسْمَيْنِ؛ وهو الأكثر، وهو المأمور به، وهو المُسَمَّى بالعِلْمِ النَّظَرِيِّ (٣).


(١) في (ص) و (د): فأما.
(٢) ينظر: المتوسط في الاعتقاد- بتحقيقنا-: ص (١٩٠)، والأمد الأقصى - بتحقيقنا-: (٢/ ١٠).
(٣) في (د): وهو العلم المسمى بالنظري.