للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نكتة]

والذي يَدُلُّكَ على صحة المقدمة التي رتَّبناها أوَّلًا؛ أنَّ لَذَّةَ اللَّمْسِ والطَّعْم والذَّوْقِ (١) والسَّمْع في الألحان معلوم محسوس، فالآدَمِيُّ يَجِدُ (٢) ذلك كلَّه لما له (٣) فيه من حاصل اللذة.

وفوق المحسوسات أو تحتها أو معها لَذَّةُ القهر والاستيلاء، والقدرة التي يكون بها الاستعلاء، ولذة الفرح والثناء، وحَبْرَةُ العِلْمِ والاطلاع على كل ما خَفِيَ؛ موجودة في النفس غير محسوسة، وقلنا لكم باشتراكهما.

وقد (٤) يظهر أن لذة القدرة والعلم والفرح والثناء والقهر إنَّما يجدها المرء لما فيها من تَأَتِّي أمل الأكل والوطء؛ حتى لا يكون فيه (٥) معارضة، وقد يظهر أن هذه اللذات وإن كانت تعود بمنفعة على البدن والنفس في أَصْلَي اللذات وهي الأكل والوطء؛ فإنَّ (٦) لها في نفسها لذة موجودة وإن لم تتعلَّق بما يعود إلى الجوارح، ألا ترى أن للناس فَرَحًا إِذْ (٧) فاتهم الاستيلاءُ على نَيْلِ السماء أن يكون لهم عليها بالعِلْمِ نوعٌ من الاستيلاء؛ فيقولون: إنَّ فيها أفلاكًا، وكذا وكذا نَجْمًا، ومدارُها على وجه كذا، أو النَّجْمُ الفلاني أعلاها، وفلان تحته، والقمر آخِرُها، فيفرحون بالدعوى إذ فاتهم


(١) في (ك) و (ص) و (ب): وبعض، وضرب عليها في (د).
(٢) في (ك) و (ص) و (ب) و (د): يحب، وضبَّب عليها في (د)، والمثبت صحَّحه بطرته.
(٣) سقط من (د) و (ب) و (ص).
(٤) في (ك) و (ص) و (ب): قد.
(٥) في (ك) و (ص): فيها، وفي (ب): فيهما.
(٦) في (ك) و (ص) و (ب): إنها.
(٧) في (د): إذا.