للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

موجودةٌ ذاتًا؛ هي فوق السماوات، وفوقها عَرْشُ الرحمن، كما تقدَّم في الحديث الصحيح (١).

وسَمِعَ بعضُ العرب هذه الآية فقال: "من اللئيم الذي أَحْوَجَ الكريم إلى اليمين؟ " (٢).

[نكتة في قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ﴾]

وقد أَقْسَمَ الباري أنه حَقٌّ كما تنطقون، وخَصَّ النطق لأنَّ به طلبوه، وبه أنكروه، ولأنَّ النطق لا يتشكَّل في المِرْآةِ؛ لأن كلام الإنسان لا يتكلَّم به غيرُه، فكذلك رِزْقُه لا يأكلُه غيرُه (٣)، ولأنه لا تدخله استحالة.

وقيل: لأنه الخصِّيصة للإنسان من سائر الحيوان.

فيَنْزِلُ الرزقُ - من السماء - الهُدَى على قلوب الأولياء، وتنزل الطاعة على جوارح الأولياء، وينزل الصدق على ألسنة الأصفياء، وينزل النُّورُ على الصُّدُورِ، وينزل القوت (٤) على المتوكلين، وتُصَبُّ الدنيا على المفتونين، وينزل الحرمان على أهل الحرص، وينزل الفقر على الخاصَّة، وينزل الحرام على المطرودين، وينزل الكفر والجحود على الظالمين، وينزل المَكْرُ على المغترين، وينزل الذُّلُّ على المتكبرين، وينزل العِزُّ على المتواضعين، وهكذا إلى آخر صفات الآدَمِيِّينَ؛ قضاءٌ محتومٌ، ورِزْقٌ مقسومٌ.


(١) سبق تخريجه.
(٢) الكشف والبيان: (٩/ ١١٥).
(٣) لطائف الإشارات: (٣/ ٤٦٥).
(٤) في (ك): القرب.