للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل: "الشكور هو الذي يصرف ماله في الصدقة، وبدنه في الطاعة، ولسانه في الذِّكْرِ، وقلبه في الفِكْرِ" (١).

ولذلك أثنى الله على إبراهيم فقال: ﴿شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ﴾ [النحل: ١٢١]؛ لأنه بَذَلَ مَالَه للضِّيفَانِ، وبَدَنَه للنيران، وقلبه للرحمن؛ فاتخذه الله خليلًا، واصطفاه دون الخلق وليًّا، وكان به - أبدًا - حَفِيًّا، ووهب له إسحاق ويعقوب ومن ذريته، وجعل الكُلَّ نَبِيًّا.

[الوصاةُ بالأحاديث الصحيحة]:

والآياتُ في الشكر كثيرة، والأحاديت قليلة، فلا تلتفتوا إليها، فإنَّ مَثَلَ من يطلب العلم بالحديث الضعيف والباطل كمن يصلي بطهارة الماء المُتَغَيِّرِ والنَّجِسِ، فلا يطلب الحق إلَّا بالحق، ولا يعضد الصحيح إلا بالصحيح.

[استعمالُ نعم الله في المكروهات كفران لها]:

وقد وردت زيادةٌ للصُّوفِيَّةِ في هذا الباب حسنة، حيث قالت: "إن استعمال نِعَم الله في المكروهات كُفْرَانٌ لها"، بل في تَرْكِ الأدب، ألا تري إلى عثمان كيف لم يَمَسَّ ذَكَرَه بيَمِينِه منذ (٢) بايع بها رسول الله (٣)، فرأى أن اتصال يده بيد رسول الله نعمة، ورأى من شُكْرِها ألَّا يستعمل يده في محظور ولا مكروه ولا في ترك أدب، ورأى أن ذلك العضو مَحَلُّ أقذار من


(١) ينظر: لطائف الإشارات: (٢/ ٣٣٥).
(٢) في (ك): مذ.
(٣) يشير إلى حديث: "فوالله ما تغنَّيت ولا تمنَّيت، ولا مسست فرجي بيميني منذ بايعت رسول الله"، أخرجه الطبراني في أكبر معاجمه: (٥/ ١٩٣).