منه "سراج المريدين"، وجمعه بعد ما كان مفرقًا منثورًا، ولم يُخْلِ آية من آيِهِ من "عِلْمِ التذكير".
الفصل الثاني: مبَاحِثُ التَّفْسِيرِ في كتاب "سراج المريدين"
المبحث الأوَّل: طريقته فيه
لمَّا كانت طريقة القاضي أبي بكر في التأسيس للأسماء والصفات مبنية على القرآن العظيم كان لزامًا عليه أن يتناول فيه مباحث التفسير ومسائله، ويعرض للقول في الآية وما شاكلها، ولمَّا كان هذا العلم قائمًا على القرآن ومنطلقًا منه كان ذلك أحرى بهذا الكتاب، وأَنْوَرَ له وأهدى سبيلًا.
وطريقتُه فيه تتبع اللفظ الوارد منه في القرآن وإحصاؤه، وعَرْضُ معانيه؛ حسب سياقه وسباقه ولحاقه، والنظر في الاشتقاق، والنظر في أقوال المشيخة، وتأكيد ذلك بما ورد في السنن والآثار، وفَسْرِ ذلك، واستنباط ما يتعلَّق بالعلوم الثلاثة؛ إمَّا ذِكْرُها نصًّا وحرفًا حرفًا، وإما الإحالة على كتبها المختصة بها، أو التعلق بما يناسب المقام.
وظهر لي أن الإمام أبا بكر لا يُعَوِّلُ في كتبه على مصادر واحدة، بل يُنَوِّعُهَا على حسب مقاصد التصنيف، فإن كان في الاعتقاد عوَّل على ما يناسبه، وإن كان في الأحكام عوَّل على ما يشاكله، أو في التذكير ذكر ما يلائمه، وهكذا.
وكان أساسُ موارده في هذا "السراج" هو كتاب "اللطائف والإشارات"، فعوَّل على نكته، وبرَّز بإشاراته، ونزع بها إلى لطائف ذَكَرَها، وفوائد أظهرها.