للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولله دَرُّه (١)، فلقد جَمَعَ العِلْمَ بالله في كَلِمَتَيْنِ.

[حقيقةُ التفويض]:

وبناءُ "ف وض" في العربية للإرسال من الضبط وحَلِّ الرَّبْطِ.

فإذا حَلَّ العبدُ نفسه عن رباط الأسباب وتعلَّق بمُسَبِّبِها فهو المُفَوِّضُ، وهو غاية التوكل، قال تعالى مُخْبِرًا عن العبد الصالح: ﴿فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾ [غافر: ٤٤].

ومن عَلِمَ أن الحادثات كلها حاصلة من الله، ولا يقدر على الإيجاد أحدٌ إلا هو، فإذا (٢) عَرَفَ هذا الأصل وتَحَقَّقَ هذا المعنى تبيَّن له أن مراده لا يحصل له إلَّا من قِبَلِ الخالق المُوَحَّدِ، وهو الله وحده، وهذا فَرْضٌ على كل أَحَدٍ عِلْمُه، وهو شرط الإيمان (٣)، ومن لم يعتقده كافر بالله، وهو معنى قوله سبحانه: ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [المائدة: ٢٣].

[درجاتُ التفويض]:

وما زاد على هذا القَدْرِ فهي درجات، حتى ينتهي إلى التخلي؛ فيَسْكُنُ قَلْبٌ لهذا الاعتقاد، وينزعج آخَرُ، والناسُ في السُّكُونِ والانزعاج على درجات، ولكل دَرَجَةٍ من هذه الأقسام اسمٌ؛ من حيث الاشتقاق تارة، ومن حيث الاصطلاح أخرى (٤)، أُمَّهَاتُها سِتٌّ:


(١) في (ص): در الشافعي.
(٢) في (ك): إذا.
(٣) ينظر: لطائف الإشارات: (٢/ ٦٤٣).
(٤) لطائف الإشارات: (٢/ ٦٤٣).