للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قال الله تعالى: ﴿وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ﴾ [آل عمران: ١٩٩].

قيل: منهم: النجاشي (١)، وعبد الله بن سَلَام (٢)؛ فلقد كانوا أعزَّاء في حالهم، أذلة لربهم ولإخوانهم المؤمنين كأمثالهم منهم.

[نَقْدُ قول الليث في تفسير الخشوع]:

وقد قال الله: ﴿وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ﴾ [طه: ١٠٨]، يعني: انخفضت بالذلَّة والخوف، وهذا يدلُّ على تقصير الليث في تفسيره وقَصْرِه الخشوع على البدن والبصر، ونسي الكلام؛ فإنه يخشع به صاحبُه ويَذِلُّ، ولا يرفعه حتى لا يسمعه إلَّا هَمْسًا، وهو الخفي منه من عظيم الذلة وقوة الخشية وشدة الرهبة.

[[من معاني الخضوع]]

وقوله تعالى: ﴿إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ (٤)[الشعراء: ٤]، كما فُعِلَ ببني إسرائيل حين نُتِقَ الجبلُ فوقهم كأنه ظلة، وظنوا أنه واقع بهم، فخرُّوا سُجَّدًا مبادرين، مخافه حلول العذاب بهم، وهذا إخبارٌ عن قدرته على تحصيل مراده من عباده أن لو أراده، فهو قادرٌ على أن يؤمنوا طوعًا بأن يخلقه لهم بعد النظر والدليل، قادرٌ على أن يخلفه لهم كرهًا، فلا تَقْتُلْ نفسك همًّا عليهم؛ فإنه لا بد أن ينفذ كتاب الشقاء على من كتبناه عليه.


(١) تفسير الطبري: (٧/ ٤٩٨ - شاكر).
(٢) تفسير الطبري: (٧/ ٤٩٨ - شاكر).