للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير حديث: شيخ زَانٍ]:

وأمَّا حديثُ الثلاثة الذين لا ينظر الله إليهم فحكمة بالغة، وهي أن الزِّنَا إنَّما يحمله عليه غُلْمَةُ الشَّبِيبَةِ (١)، وشَبَقُ (٢) الفُتُوَّةِ، وغِرَّةُ الصِّبَا، واستيلاءُ الهوى، وإذا شاخ (٣) المرءُ ضعفت القُوَى، وانحلَّ العَصَبُ، وانقلب الهوى إلى الهُوِيِّ، فإذا تمادى في غُلُوَائِه وصمَّم على سيرته الأولى ومضى على ما اعتاد منها؛ تحقَّق عليه فسادُ النفس، وخُبْثُ السُّوس، فكان عقابه أَكْبَرَ، ولم يكن بأَعْذَرَ.

[الأميرُ الكذَّاب]:

وأمَّا الإمام الكذَّاب فهو شَرٌّ الخلق عند الله تعالى؛ لأنَّ الكذَّاب إنما يريد كذبه حيلة (٤) لما يعجز عنه، وليس فوق الإمام يد، ولا يفوته شيء ممَّا (٥) يعتاد دَركه، فإذا صادره (٦) بالكذب كان ذلك نزولًا عن الكرامة إلى الخِسَّةِ، وعن الطاعة إلى المعصية.

وقد قال لنا ذَانَشْمَنْد (٧): "إنَّ في اللسان آفات كثيرة، شرها الكذب، وهو إذا تَرَكَه خَرَجَ به عن جميع المعاصي اللسانية والجوارحية"، لأنَّ الصِّدْقَ - كما قدَّمنا بيانَه - الأَصْلُ في الدين، وجملة الأعمال متعلقة به،


(١) في (ك) و (ص) و (ب): الشبقيَّة.
(٢) في (ك): سبق.
(٣) في (ك) و (ص) و (ب): شاب، وضغَّفها في (د)، والمثبت من طرته.
(٤) في (د): جملة.
(٥) في (د): ما.
(٦) في (ك): صاده، وفي (ص): صاره.
(٧) هو الإمام أبو حامد الغزالي.