للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أو يُحِسُّونَ بأمر من أمورها ويعلمون حالًا من أحوال أهلها؟

فإن كانوا لا يعلمون بذلك كما تقولون، فكيف يفوتهم عِلْمُ هذه الدار وهم أحياءٌ غير أموات؟

وإن كانوا يعلمون بذلك فما الذي يمنعهم عن الجواب والمفاوضة فيما حصل من المعرفة بما حصل عندهم منهم؟

البيانُ:

قلنا: قد سبق الإيضاحُ منَّا بأن الدنيا والآخرة داران ومُقامان، ولكل واحدة أهلون؛ لهم صفات وأعمال وأحوال، وفي كل واحدة ما لا يصلح للأخرى، وقد جعل الباري لكل مقام حالًا وعملًا، وعلمًا وجهلًا، وحَكَمَ بأن شيئًا من الآخرة لا يُدرك بصفة من صفات الدنيا.

وأمَّا إدراكُ صفة الدنيا من الآخرة ففي ذلك اختلاف وتفصيل يأتي بيانه إن شاء الله مطلقًا ومفسرًا، ولو شاء ربكم لجعل الأمر بابًا واحدًا، ولكنه (١) فصَّلها (٢) تفصيلًا بقدرته وإرادته وحِكْمَتِه، وأنفذ فيها حُكْمَه، وهو العزيز الحكيم.

أو لا ترى أن دار الدنيا تتفاوت حال عمارتها (٣) من العاقل وغير العاقل؟ فيكون عند كل واحد من الصنفين من الإدراك ما لا يدركه الآخر.


(١) في (د): لكنها، وهو تصحيف.
(٢) في (ر): فسرها وفصلها.
(٣) في (ص): عمرتها.