للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[اتِّباعُ الصراط المستقيم]:

وقد ذكر الله الأمر مُحْكَمًا، وأَمَرَ به جَزْمًا مُبْرَمًا، فقال: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٥٣)[الأنعام: ١٥٣]

الصراط المستقيم: هو الإسلام والقرآن والدين والمِلَّةُ، فاسلكوا كل ذلك، اتبَّعوا الإسلام؛ وهو الدين والملة، واتبعوا القرآن، فهو الهدى والنور والسبيل الذي (١) لا عِوَجَ فيه (٢)؛ دليل قويم، وكلام قديم، وفصيح عَرَبيٌّ مُبِينٌ، وهدى للمتقين، ﴿وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ﴾؛ وهي البُنَيَّات، ﴿فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾، أي: تَعُوجُوا عنها، فسبحان العدل الحكيم، نهى الخلقَ عنها، ثم قدَّرها عليهم وقضاها فيهم.

قال النبيُّ : "افترقت اليهود والنصارى على إحدى وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين، وسيأتي على أمَّتي ما أتى على بني إسرائيل؛ حَذْوَ النَّعْلِ بالنَّعْلِ" (٣)، الحديث.

وهذا أَمْرُ الله لنا ووَصِيَّتُه وعَهْدُه عندنا، قال تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾، يعني: وما بينهما ممَّا ﴿وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ﴾ [الشورى: ١٣]، ثم أخبر تعالى في كل موضع عنهم أنهم ما تفرَّقوا إلَّا من بعد ما


(١) في (د): التي.
(٢) في (د): فيها.
(٣) أخرجه أبو داود في السنن عن أبي هريرة : كتاب السنة، باب شرح السنة، رقم: (٤٥٩٦ - شعيب).