للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وليستْ حينئذ بنِيَّةٍ (١)، ولم يُشْرَعْ عندنا افتتاحُ قَوْلٍ قبل النية.

وبعد التكبير؛ اختلف الناس فيما يُقال ويُقرأ.

وجاء بعضهم بالدَّرْدَبِيسِ (٢) فقال: "يُجَرِّدُ الإيمان، ويُحْضِرُ التَّوْحِيدَ" (٣).

وهذا باطلٌ قَطْعًا، فإن هذا يَلْزَمُ في كُلِّ فِعْل طَاعَةٍ أو تَرْك، ولا يمكن هذا، فلم يَبْقَ إلَّا أنَّ حُكْمَ الإيمان عليه مُسْتَرْسِلٌ، وتكفي نِيَّةُ القُرْبَةِ للآمِرِ بها، أو نِيَّةُ التَّرْكِ للنَّاهِي عنه، وقد قال تعالى لنبيِّه : ﴿قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام: ١٦٤ - ١٦٥]، فليس على العبد أكثر من ذلك.

[نَقْدُ قول ابن رشد في تقديم النية على التكبير]:

وتَعَدَّى حَدَّه من ليس من أهل الفِقْهِ فقال: "يجوز تقديمُها قبل التكبير" (٤)، حَمْلًا على مسألة في الطهارة -ليس لها أَصْلٌ في الرواية- في الحمَّام والنَّهْرِ، ولو صَحَّتْ لَمَا حُمِلَ أَصْلٌ متفق عليه؛ وهو النية في الصلاة، على فَرْع مُخْتَلَفٍ فيه؛ وهو النية في الوضوء، فهذا عَكْسُ الإسلام، وقَلْبُ الأدلة، ولا يَفْعَلُ هذا إلَّا منكوس القَلْبِ (٥).


(١) في (س): نية.
(٢) الدردبيس: الداهية، تاج العروس: (١٦/ ٦٣).
(٣) ولأبي المعالي قولٌ قريبٌ منه، ذكره ابن العربي في المسالك: (٢/ ٣٤٥)، والقبس: (١/ ٢١٠).
(٤) هذا قَوْلُ الإمام ابن رُشْدٍ الكبير ، ذَكَرَه في المقدمات الممهدات: (١/ ١٥٦، ١٧٠).
(٥) ينظر: القبس: (١/ ٢٠٩ - ٢١٠)، والمسالك: (٢/ ٣٤٥).