للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعلى هذا تكون الرغبة في إتمام معالم هذا النظر والفكر هي الدافعة للإمام ابن العربي إلى الشروع في هذا التصنيف، مع النظر فيما يلائمه ويحتاجه، وهي أشياء قائمة بنفسه، وخواطر ناهضة بقلبه، وله فيها بدائع تحتاج إلى زمانها لتجد موضعها وموقعها؛ كما هو الشأن مع سابقاتها في كتبه السَّالفة.

وعند التحقيق: نرى أن الباعثيْن متداخلان، فالثاني جُزْءٌ من الأوَّل، والأول ممَّا يصح أن يندرج في الثاني، وإنَّما نَوَّعْنَا التقسيم لما مهَّد له الإمام ابنُ العربي بذِكْرِ ما فُجِعَ فيه يوم الدَّارِ، وما غلب عليه من سوء الأشرار، وما كان من عاقبته؛ في مَدِّ أيديهم إلى كتبِه وبنات أفكاره وزواهر عمره، فناسب أن نذكر ما ذَكَرَ، وأن نقف معه حيث وَقَفَ.

[الثالث: تخليص علم الزهد والتزكية من الدواخل والمعاطب]

وهناك أمر ثالث يصح أن يُعْتَبَرَ؛ وهو رغبة ابن العربي في تمييز كُتُبِ الزهد والتذكير ونَخْلِها، وتمحيص الصحيح من زائفها، والمليح من سَيِّئِها، وقد تقدَّمه قوم إلى تلك المسالك، ورأى ما قامت عليه كتبهم، وما بنوا عليه مصنفاتهم؛ فأراد أن يكون في كتابه غير ما في كُتُبِ من تقدَّمه، وأن يتجنَّب زللهم وسَقَطَهم، حتى يكون قائمًا بالخطة التي رضيها لنفسه؛ خِطَّةِ الدلالة على الله؛ توحيدًا وتذكيرًا، وإحكامًا وإتمامًا، ويأتي مزيدُ بَيَانٍ لهذه الكتب الزهدية في فصل مصادر "السراج".

<<  <  ج: ص:  >  >>