للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطويلة؛ قرى ظاهرة مباركة، آمنين فرحين، يُغْدَى علينا ويُرَاحُ بما نحتاج إليه، ونحن نقطع من روضة إلى روضة، ومن متعبَّد إلى متعبَّد، وكذلك سائر الناس من متفقهة وصوفية، وكان من سيرتهم أن القرية والبلدة إذا نزل فيها الضيف وغَشِيَهُم الطارق جاءه ما يَحْتَاجُ إليه من أدنى الجوار إليه، وشُورِكَ صاحبُ المنزل في ذلك به، وكذلك كل معتكف كان في المسجد الأقصى، أو في قبور الأنبياء، أو في مشاهد الصالحين، يتناوبون بالغداء والعشاء، وذلك كله الدَّهْرَ أجمعَه، وقد شرحنا ذلك في كتاب "ترتيب الرحلة للترغيب في الملة" (١).

وقال أيضًا: "إن البلاد المشرقية أَمْكَنُ للعزلة من البلاد المغربية؛ لسعة أقطار تلك وتمهُّد أمورها، وضِيقِ هذه عن آمال أهلها، وتلك لسعتها يَقِلُّ فيها الحاسد، ويكثُر المُساعد، ولا يُعدَم المُساند، وفي مدارس العلم هناك مَنَالٌ، وبروابط الصوفية مَجَالٌ رَحْبٌ للعبد مع خُلُوصِ النية" (٢).

وفاةُ والد ابن العربي (٣):

قال ابنُ العربي: "كنتُ مُعْتَكِفًا بالثَّغْرِ المحروس، وأبي بالفُسْطَاطِ، فأقمتُ في المُعْتَكَفِ -رِبَاطٍ على البَحْرِ- أيامًّا، ثم صَلَّيْتُ الصُّبْحَ، وعَطَفْتُ عِنان عَزْمِي إلى البلد، فجئت وبابُه لمَّا يُفْتَحْ بَعْدُ، فَنَظَرتُه حتى فُتِحَ، فخرج عليه أصحالب ممَّن كان يقرأ القرآن عليَّ، فلمَّا وَصَلُونِي


(١) سراج المريدين: (١/ ٨٣).
(٢) سراج المريدين: (٢/ ٢١٣ - ٢١٤).
(٣) مصادر ترجمته: تاريخ دمشق: (٣٢/ ٢٣١)، الصلة: (١/ ٣٧٧)، وفيات الأعيان: (٤/ ٢٩٧)، سير النبلاء: (١٩/ ١٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>